التحقيقات
هجوم على سوق شعبي جنوبي الخرطوم
١٦ تموز ٢٠٢٤تحقيق يتناول قصفاً على سوق قورو الشعبي في منطقة مايو جنوبي الخرطوم أسفر عن مقتل وإصابة أشخاص بينهم نساء وأطفال
اطبع المقال
حول الحادثة
- مكان الحادثة: سوق قورو، منطقة مايو جنوبي الخرطوم
- موقع التأثير: سوق قورو عند الإحداثيات 15.488455, 32.535477
- التاريخ: 10 سبتمبر 2023
- التوقيت: بين الساعة 07:00 و الساعة 07:15 صباحاً بالتوقيت المحلي للسودان
- الضحايا والمصابون: نحو 47 قتيلاً بينهم نساء وأطفال (تأكد الأرشيف السوداني من مقتل ثلاثة مدنيين بينهم سيدة وطفلتها)، إضافة لإصابات تراوحت بين 60 إلى 160 شخصاً
- نوع الحادثة: قصف يرجح أنه بقذائف من طائرة مسيرة أو حربية
- المسؤول المحتمل: القوات السودانية أو قوات الدعم السريع.
تحذير المحتوى
يتضمن هذا التحقيق أوصافاً وصوراً وادعاءات خاصة بالعنف تظهر : آثار الدماء، بقايا أشلاء ضحايا، صور المصابين داخل المستشفى .
المقدمة
تعرّض سوق شعبي في منطقة مايو جنوبي الخرطوم، صباح يوم الأحد 10 سبتمبر 2023 بين الساعة 07:00 والساعة 07:15 بالتوقيت المحلي للسودان، لقصف ادّعت وسائل إعلام أنه كان بطائرات مسيرة تتبع للقوات الحكومية السودانية.
حصرت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان في بيان، نشرته يوم الحادثة، عدد القتلى بـ 43 حالة وفاة، إضافة لأكثر من 55 إصابة نقلت إلى مستشفى بشائر التعليمي جراء القصف الجوي على سوق قورو في منطقة جنوب الحزام.
وقدرت غرفة طوارئ جنوب الحزام عدد القتلى بـ 47 شخصاً بينهم سيدة وطفلتها (تأكد الأرشيف السوداني من مقتلهما في الحادثة)، إضافة لأكثر من 60 جريحاً نتيجة "قصف بـ طيران مسيّر على السوق"، ونشرت الغرفة ذاتها صوراً خاصة قالت إنها لمكان الحادثة كما نشرت فيديو يظهر حفراً ادّعت أنها لأماكن التأثير.
وتداولت وسائل إعلام وناشطون ومواقع إلكترونية فيديوهات وصور تحدثت عن قصف سوق قورو وأظهرت مصابين وقتلى في مستشفى بشائر التعليمي، إضافة لأضرار مادية في السوق.
وفقاً لخريطة السيطرة التي نشرها سودان وور مونيتور في 19 سبتمبر 2023، فإن اللون الأخضر يوضح مناطق سيطرة القوات المسلحة السودانية، بينما يوضح اللون البرتقالي مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
وقت الهجوم على سوق قورو كان انتشار الجيش في الخرطوم يتركز في سلاح المدرعات، ومصنع الذخيرة، والقيادة العامة، ولا توجد سيطرة للقوات المسلحة السودانية في المناطق الجنوبية الشرقية والغربية من موقع الحادثة.
المنهجية
أجرى الأرشيف السوداني تحقيقاً حول الحادثة اعتماداً على:
- حفظ، تحليل والتحقق من 205 مقطع فيديو وصورة وتقرير ومنشور رفعت على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر موقع الحادثة، البلاغات الأولى، الوفيات والإصابات والخسائر المزعومة، إفادات شهود عيان وذوي ضحايا.
- التأكد من موقع التأثير من خلال مطابقة المعالم البارزة الظاهرة في المحتوى البصري بصور الأقمار الصناعية و التقارير الأولى عن الحادثة.
- تحليل الظلال في لقطات ما بعد الهجوم الأولى لتقييم توقيت الضربات.
وكان هذا التحقيق خلاصة مراحل متعددة من التحليل للمصادر المتاحة زودت الفريق بمعلومات مرتبطة بتاريخ الحادثة، توقيتها، موقعها، الضحايا المحتملين، المسؤول المحتمل. للاطلاع على منهجية البحث في الأرشيف السوداني يرجى زيارة موقعنا.
المعلومات المنقحة
استمد الأرشيف السوداني المعلومات والنتائج المقدمة هنا من المحتوى المنشور عبر الإنترنت والبيانات مفتوحة المصدر والتقنيات التحليلية. مع ذلك، فإن لقطات، القتلى والمصابين خاصة الأطفال -آثار الدماء وبقايا الأشلاء- الادّعاءات وتحميل المسؤولية، حسّاسة للغاية سواء كانت متاحة للجمهور عبر الإنترنت أو تم حذفها.
لذلك؛ لن يعيد الأرشيف السوداني إنتاج ونشر هذه اللقطات الحسّاسة، وسيعمل في هذا التحقيق على تغيير اللقطات التي تتضمن المحتوى المشار إليه في الأعلى و/ أو إزالة الروابط التي توصل إليها.
لطلب الوصول إلى المصادر والتحليلات المنقّحة، أرسل بريداً إلكترونياً على requests@sudanesearchive.org
حول مكان التأثير
يقع حي النصر (مايو) جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، وتقدر مساحته بنحو 40 ألف كيلو متر مربع، وحمل اسم مايو نسبة لحكومة الجنرال جعفر النمير التي أطلق عليها اسم (حكومة مايو) وهو الشهر ذاته الذي شهد انقلاب جعفر النمير في عام 1969م.
تعود نشأة سوق قورو الذي يشغل شارعاً وساحات في الجزء الغربي من حي النصر (مايو) جنوبي الخرطوم إلى تسعينيات القرن الماضي، وهو سوق يختص ببيع الملابس والأحذية ولعب الأطفال والمراتب، معظم محلاته عبارة عن رواكيب من القش والخيش، ويعمل في السوق سكان من منطقة مايو.
تحوّل سوق قورو منذ بداية الحرب في السودان إلى السوق الوحيد الذي يخدم منطقة جنوبي الخرطوم، لكنّ إدعاءات أخرى قالت إنه تحوّل إلى سوق لـ بيع المواد المسروقة من الأحياء المجاورة في الخرطوم بأسعارٍ زهيدة، وإنه بات يحمل اسم "سوق دقلو" في إشارة لقائد قوات الدعم السريع.
يزعم أشخاص وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أن قوات الدعم السريع تفرض سيطرتها على السوق، ويتجول فيه جنود يعلنون ولاءهم لقائد قوات السريع محمد حمدان دقلو، وإن السوق أصبح عبارة عن معسكر تجنيد إجباري للكبار والصغار والنساء.
حسابات تواصل اجتماعي ادّعت أن هدف القصف كان مقراً لقوات الدعم السريع، وأن السوق يضم عناصر من قوات الدعم السريع، وأنه أكبر سوق لبيع المسروقات في جنوب الحزام، كما ادّعت حسابات أخرى أن السوق كان معسكراً للتجنيد الإجباري، فيما قالت منال أباكيرو في مداخلة على برنامج السودان الآن على موقع ( DW العربية من ألمانيا) إنه: "بالنسبة للسوق، ليس فيه وجود عسكري زي ما قلت لك، السوق بيجوا فيه الدعم السريع بيتسوقوا زيه زي باقي المواطنين لكن مافي وجود عسكري ثابت في السوق، ده سوق لكل المواطنين في جنوب الحزام"، وتظهر صورة لحظة تصاعد الدخان من مكان في سوق قورو وجود أشخاص بثياب مدنية و بائعين ورواكيب وخيام إضافة لحافلات في السوق.
تظهر الصورة ذاتها أيضا دماراً في مستودع بالقرب من الساحة الرئيسية (المربع الأزرق في الصورة أعلاه) في سوق قورو عند الإحداثية 15.488305, 32.534481، تبين بمراجعة صور أقمار صناعية Sentinel.hub أن هذا الدمار ليس من الحادثة ذاتها، وأن أول ظهور له كان في 27 مايو 2023، ولا يظهر في صورة 22 مايو 2023.
بحسب المعلومات الوصفية على Google Maps، فإن السوق يفتح يومياً من الساعة 4 فجراً وحتى الساعة 5 عصراً.
وفي 29 سبتمبر 2023 قامت لجنة حسم الظواهر السالبة التابعة لقوات الدعم السريع بإزالة وحرق سوق عشوائي في جنوب الخرطوم، يرجّح بحسب مقارنته بفيديو حساب الصقر على تكتوك أنه سوق قورو وهو يحترق. ما يدلّ على عدم توقف السوق بعد قصف 10 سبتمبر 2023.
ماذا حدث ومتى
تعرض سوق قورو في منطقة مايو لقصف يزعم أنه بطائرة مسيرة أو حربية يدعى أنها تابعة للجيش السوداني، بين الساعة 07:00 والساعة 07:15 من يوم الأحد 10 سبتمبر 2023، أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، ودمار في المحلات والممتلكات المادية.
أوائل البلاغات
أولى البلاغات عن الهجوم كانت في منشور، مرفق بصور للضحايا والمصابين في مستشفى بشائر التعليمي لغرفة طوارئ جنوب الحزام عند الساعة 08:02 صباحاً من يوم الأحد 10 سبتمبر 2023، حدّدت فيه توقيت الهجوم بـ "نحو الساعة 07:15" وادّعت أن القصف على سوق قورو جاء من "طائرات حربية"، وقدّرت في إحصائية أولية مقتل 11 شخصاً وإصابة العشرات.
في التوقيت ذاته نشر حساب لناشطة على فيسبوك منشوراً قالت فيه إن "سوق قورو مايو ينزف". وبعد نحو ثلاثين دقيقة وعند الساعة 08:31 صباحاً من اليوم ذاته نشر حساب على منصة X تغريدة تحدثت عن "مجزرة جديدة في سوق قورو"، ونقلت إحصائيات أولية عن عدد القتلى والمصابين الذين وصلوا إلى مستشفى بشائر".
غرفة طوارئ جنوب الحزام في تمام الساعة 08:33 صباحاً نشرت على صفحتها في فيسبوك نداءً عاجلاً لكل الكوادر الطبية الموجودة والمسعفين والمتبرعين بالدم للحضور إلى مستشفى بشائر، بعد أن أبلغت عن ارتفاع عدد الضحايا والمصابين في "القصف الجوي على سوق قورو".
تتالت البلاغات من غرفة طوارئ جنوب الحزام، إذ نشرت عند الساعة 08:51 فيديو قالت إنه لقتلى موجودين في مشرحة مستشفى بشائر، كما وجّهت نداء عاجلاً آخر للكوادر الطبية والمتطوعين بالتوجه لإسعاف الجرحى والتبرع بالدم، إضافة لمنشورات تحصي أعداد القتلى والمصابين الذين وصلوا إلى المستشفى.
وادّعت منظمة أطباء بلا حدود MSF التي تدير مستشفى البشائر التعليمي في تغريدة لها في حسابها على X، عند الساعة 12:21 " أن القصف على سوق قورو كان عند الساعة السابعة صباحاً، الوقت الذي تتسوق فيه الأمهات والآباء لشراء الطعام لعائلاتهم"
اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان نشرت عند الساعة 15:14 دقيقة من اليوم ذاته بياناً عن قصف جوي على سوق قورو، حدّدت فيه التوقيت، بساعات الفجر، وأعداد القتلى والمصابين، علماً أن توقيت الفجر في السودان في اليوم ذاته كان عند الساعة 04:20 دقيقة.
أول الفيديوهات حول الحادثة نشرته غرفة طوارئ جنوب الحزام أظهر ما يدّعى أنها مواقع التأثير، يقول مصور الفيديو: "هنا محل الدانا ضربت، وهنا قبر واحد بحسب شهود عيان إنه اتقطع ودفنوه في مكانه، ده هنا العمارة جنب محل الدانا دقت، وده هنا محل الضرب كان هنا، ده هنا المكان وده السوق، والمحل اللي هنا ماشين عليه بتاع ضرب، القصف كان على مرحلتين، هنا كانت وحدة وهنا كانت التانية، ده هنا محل القصف"، إضافة لصورة عدد من القتلى في الحادثة.
باستخدام أداة قياس الظل Shadow Calculator ومقارنتها مع صورة (حددنا مكانها بمطابقة المعالم البارزة عند الإحداثية 15.490118, 32.537169 ) نشرت على فيسبوك يوم الحادثة وتظهر الدخان المتصاعد من مكان التأثير، تتطابق الظلال الظاهرة مع موقع الشمس بين الساعة 07:00 إلى الساعة 07:15 بالتوقيت المحلي من صباح يوم 10 سبتمبر 2023 .
من خلال تحليل المنشورات الأولى على وسائل التواصل الاجتماعي، تقارير القنوات الإخبارية، مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية، إضافة إلى موقع الشمس والظلال بوساطة أداة shadow calculator فإنه يمكن ترجيح وقوع القصف على سوق قورو بين الساعة 07:00 إلى الساعة 07:15 بالتوقيت المحلي من صباح يوم 10 سبتمبر.
تحديد الموقع الجغرافي
تظهر صورة التقطها الأرشيف السوداني من ESRI | World Imagery Wayback امتداد سوق قورو على الشوارع الرئيسة والساحات المجاورة.
وأظهرت صور نشرتها صفحة طوارئ جنوب الحزام على حسابها في فيسبوك نقاط التأثير والمبنى المتضرر.
حدّد الأرشيف السوداني المعالم البارزة الظاهرة في فيديو وصور لسوق قورو بعد القصف بصورة من ESRI | World Imagery Wayback لموقع التأثير عند الإحداثية 15.488455, 32.535477 .
وتظهر صورة من فيسبوك يوم 10 سبتمبر 2023 دخاناً متصاعداً وأشخاصاً يفرّون من المكان الذي ادّعى صاحب الحساب أنه لـ "سوق قورو أثناء القصف".
تتطابق المعالم البارزة في الصورة مع إحداثيات موقع التأثير في الفيديو السابق، ما يؤكد أنها التقطت في سوق قورو بعد وقت قصير من قصفه.
يظهر فيديو نشرته غرفة طوارئ جنوب الحزام في صفحتها على فيسبوك وجود حفرتين على الأرض يدعي مصور الفيديو أنهما نتجتا عن القصف الذي طال المكان، تأكد الأرشيف السوداني من إحداهما على الأقل، إضافة إلى تضرر مبنى بشظايا يرجّح الأرشيف السوداني أنها لم تنتج عن الضربة ذاتها.
يقول مصور الفيديو "إن القصف تم على مرحلتين"، يبعد الموقعين عن بعضهما البعض بين 50 إلى 60 متراً تقريباً، ويشير المصور في الفيديو إلى وجود قبر شخص مجهول الهوية ادعى أنه "قُتل في القصف وتشتت أشلاؤه ودفن في مكانه".
ينفي الأرشيف السوداني أن تكون الحفرة الأولى الظاهرة في الثانية 00:21 من فيديو غرفة طوارئ جنوب الحزام من الحادثة ذاتها، وفقاً للتالي:
حدد الأرشيف السوداني مكان الحفرة الأولى في الفيديو بمطابقة المعالم البارزة مع صورة أقمار صناعية من جوجل إيرث عند الإحداثية 15.488471, 32.535478
- تتبع مكان الحفرة وشكلها في التواريخ الزمنية من جوجل إيرث يظهر أن وجود لها كان في 29 نوفمبر 2018.
- تظهر صورة التقطت عبر القمر الصناعي ESRI | World Imagery Wayback في 15 يناير 2024، وجود الحفرة الأولى في المكان والشكل ذاته تقريباً.
تظهر الحفرة الثانية في الدقيقة 01:12 ثانية من فيديو غرفة طوارئ جنوب الحزام على فيسبوك، كما تظهر الحفرة ذاتها في فيديو نشر بعد ثلاثة أيام من الحادثة، وفي صورة نشرها الصحفي Ebrahim Basit Nugdalla على فيسبوك.
لتحديد مكان الحفرة أنشأ الأرشيف السوداني صورة بانورامية من فيديو يظهر الحفرة بشكل كامل وتناثر الأتربة حولها.
بمقارنة صور الحفرة والمعالم البارزة الظاهرة في محيطها في الفيديوهين والصورة بصورة من ESRI | World Imagery، حدّد الأرشيف السوداني مكانها عند الإحداثية 15.488918, 32.535666
ضحايا الهجوم
"كان يوم يغمره الرعب. ولساعات، ظلت عشرات الجثث ملقاة تحت الأغطية في ساحة المستشفى حتى جاءت عائلاتهم للتعرف على أحبائهم المفقودين. وفي هذه الأثناء، بذل موظفونا قصارى جهدهم لإنقاذ حياة الناجين، الذين كانت جروحهم شهادة على القوة المذهلة للأسلحة المستخدمة: أجزاء من أجسادهم ممزقة، وفتحت بطونهم"، تقول ماري بيرتون، منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في الخرطوم واصفةً ما حدث في الهجوم على سوق قورو خلال الاستجابة الطارئة داخل مستشفى البشائر بـ "المذبحة".
المسعفة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في مستشفى البشائر التعليمي في الخرطوم، لوريتا تشارلز التي عالجت الأشخاص الذين أصيبوا بجروحٍ نافذة قالت لبي بي سي "تعرضنا لعمليات بتر مؤلمة وإصابات نافذة في الصدر والبطن والرأس".
نشرت غرفة طوارئ جنوب الحزام صوراً قالت إنها لمصابين في مستشفى البشائر، كما أظهر فيديو مقابلات مع عدد من الجرحى أكدوا إصابتهم في قصف على سوق قورو حيث تركزت معظم الإصابات الظاهرة في الأيدي والأقدام.
ادعت ناشطة في السودان نقلاً عن محمد كنداشة المتحدث باسم غرفة جنوب الحزام أن المصابين أسعفوا بوساطة "التكاتك وكوارو (عربات تُجر بواسطة الحيوانات) ما تسبب في تفاقم الإصابات وأن جزءًا مقدراً من الوفيات لقوا حتفهم أثناء عمليات الإسعاف" .
تداولت حسابات على منصتي X وفيسبوك معلومات عن أعداد الضحايا بينهم مدنيين، وصور لعمليات الاستجابة داخل مستشفى البشائر لأشخاص يدّعى أنهم أصيبوا في القصف الذي طال السوق الذي ادعت حسابات التواصل الاجتماعي بأنه مركزٌ لبيع المسروقات، فيما صنّفت حسابات أخرى السوق على أنه مركز لقوات الدعم السريع، بينما نفى آخرون أي وجود عسكري في السوق.
وتضاربت أعداد القتلى والمصابين في القصف على سوق قورو، إذ قدرت منظمة أطباء بلا حدود و اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان عدد القتلى بـ 43 شخصاً. بينما قدرت غرفة طوارئ جنوب الحزام يوم الإثنين 11 سبتمبر 2023 عدد الضحايا بـ 47 مع وجود إصابات بليغة قدرتها الغرفة في تقرير نشرته شبكة عاين بـ 60 شخصاً يتلقون العلاج في مستشفى بشائر التعليمي وهو ما يتوافق مع إحصائيات منظمة أطباء بلا حدود. وادعى منشور على فيسبوك أن عدد القتلى 46 إضافة لإصابة العشرات، وفي اليوم التالي أشار تعليق على منشور في إحدى المجموعات "أن عدد المصابين وصل إلى أكثر من 160 حالة كلهم من المدنيين باستثناء عسكري واحد أُصيب برائشة في الفخذ، وأن عدد الضحايا الذين وصلوا إلى مستشفى البشائر هو 47، ولكن هناك 12 جثة لم تصل إلى المستشفى".
لم يستطع الأرشيف السوداني التحقق من أعداد القتلى بدقة، لكن غرفة طوارئ جنوب الحزام تحدثت في منشور لها يوم الإثنين 11 سبتمبر 2023 عن وجود جثامين لـ 12 جثة لم يتم التعرف عليها ولم يحضر ذويهم لاستلام جثامينهم وليس بحوزتهم أوراقاً ثبوتية قُتلوا جراء القصف على سوق قورو وسيتم دفنهم في مقابر أنقولا، وأظهرت صور نشرتها مواقع إخبارية وغرفة طوارئ جنوب الحزام دفن جثامين الضحايا.
صور من منشور غرفة طوارئ جنوب الحزام، التقطها الأرشيف السوداني في 18 مارس 2024
يظهر فيديو ادعت غرفة طوارئ جنوب الحزام أنه لجثث ضحايا قصف سوق قورو التي نقلت إلى مشرحة مستشفى بشائر وجود 18 جثة ملفوفة بأكفان بيضاء باستثناء جثة واحدة لفّت ببطانية ضمن المستشفى. وأظهر فيديو آخر نشرته الغرفة ذاتها ما ادعى المصور أنه "قبرٌ لشخص كان قد قُتل إثر القصف على سوق قورو وجمعت أشلاؤه ودفنت في المكان".
وزعمت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أن القتلى في الهجوم كانوا من قوات الدعم السريع بينما ادعت حسابات أخرى أن معظم المصابين والقتلى هم من المواطنين المدنيين.
لم يجد الأرشيف السوداني قائمة بأسماء القتلى والمصابين في الهجوم على سوق قورو، لكن أخباراً تم التأكد منها عبر مقاطعتها بمنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي ومن قبل ما نشره ذوي الضحايا تؤكد مقتل السيدة (حليمة حسن بقاري) وابنتها (لمياء حامد إبراهيم) بالقصف على السوق.
كما نشرت غرفة طوارئ جنوب الحزام منشورين أحدهما يتضمن بطاقة شخصية يدعى أنه عثر عليها بحوزة أحد الضحايا باسم (موسى محمد أحمد عبد الرحمن) بينما يظهر الآخر صورة عن جواز سفر لضحية باسم (أحمد الزبير محمد) طالبة من ذويهما التوجه إلى المستشفى لاستلام جثمانيهما.
ويظهر لوح كُتب على أسفله "غرفة طوارئ جنوب الحزام وفيات اليوم 10 / 09 / 2023" مجموعة من الصور يدعي أنها لضحايا الهجوم على سوق قورو بلغ عددها 25 صورة بينها ثلاثة صور لحميدة بقاري وابنتها لمياء وموسى محمد أحمد عبد الرحمن.
كما ادعت حسابات إصابة القائد الميداني في قوات الدعم السريع "الضو باشري" إصابة بالغة ومقتل مجموعة من مرافقيه في الهجوم.
يظهر تعليق مرفق بفيديو على منشور لشخص مصاب يرتدي ملابس عسكرية تتشابه مع ما ترتديه قوات الدعم السريع، ولم يتمكن الأرشيف السوداني من تحديد هوية الشخص الظاهر في الفيديو أو زمان ومكان تصويره.
من خلال المعلومات المفصلة أعلاه، يؤكد الأرشيف السوداني مقتل ثلاثة أشخاص بينهم سيدة وطفلتها في الهجوم على سوق قورو، كما يؤكد وجود 18 جثة في مشرحة مستشفى بشائر، إضافة لعدد من الإصابات.
الدمار
تظهر صور نشرت على منصة فيسبوك حرائق وتكسر في الرواكيب داخل السوق إضافة لشظايا وبقايا دماء وأشلاء بشرية على جدران الخيش والتوتياء في المكان.
مجموعة صور نشرت على فيسبوك تظهر آثار الدمار والحرائق والشظايا والدماء في سوق قورو، التقطها الأرشيف السوداني في 3 مايو 2024
كما تظهر فيديوهات وصور بقع دم، كراسي متكسرة، أشجاراً محترقة، وشظايا على جدران مبنى في سوق قورو بعد تعرضه للهجوم.
ويرجح الأرشيف السوداني أن ما تم تداوله من صور حول تضرر مبنى بشظايا نتيجة القصف غير صحيحة للأسباب التالية:
- نفي الأرشيف السوداني في فقرة (تحديد الموقع الجغرافي) ادعاء مصور فيديو غرفة طوارئ جنوب الحزام بأن الحفرة الظاهرة في الثانية 00:21 والمواجهة للمبنى المتضرر هي من القصف ذاته لظهورها في صور الأقمار الصناعية قبل الحادثة.
- خروج ماسورة مياه من إحدى الحفر ما يدل على حفرها ذاتياً.
- وجود فتحات مشابهة في الطرف المقابل من المبنى الذي يظهر مهجوراً.
يظهر فيديو غرفة طوارئ جنوب الحزام عند الدقيقة 01:13 حفرة أشار المتحدث أنها ناتجة عن القصف، وتظهر الحفرة بشكل أوضح في فيديو آخر نشرته صفحة العربية السودان على فيسبوك.
السلاح المستخدم
أفادت مصادر متعددة، منها Ghandour و Moeas Mergani Baket، بأن القصف تم بوساطة طائرة مسيرة أو طائرة حربية من طراز ميج. ووفقا لفيديو نشر على فيسبوك، قال أحد الشهود"الطيارة جت ضربت الطيارة وقفت على الناحية الجنوبية ووجهت على الناحية الشمالية ونحن شايفين بعينا، وقفت ونحن مرقنا برا وطوالي جات ضربت وما عندها صوت نهائي سوخوي ولا طيارة صغيرة ما عندها صوت نهائي وعاملة كده زي الخيط" فيما قال شاهد آخر في الفيديو ذاته "دقتنا الميج وقتلت جزء كبير".
لم يتمكن الأرشيف السوداني من التحديد بشكل قاطع ما إن القصف على سوق قورو قد تمّ بوساطة قذائف مدفعية أو جوية من طائرة مسيرة أو حربية، لعدم وجود محتوى بصري في المصادر المتاحة عبر الإنترنت تظهر لحظة القصف أو الشظايا في المكان، على الرغم من ذلك ترجّح روايات الشهود وما نقلته القنوات الإخبارية أن القصف قد تمّ بوساطة بطائرة مسيرة.
المسؤول المحتمل
تبادلت كل من قوات الدعم السريع والقوات الحكومية في السودان الاتهام بالمسؤولية عن الحادثة، إذ اتهمت قوات الدعم السريع في بيان لها قوات الحكومة السودانية بالمسؤولية عن قصف جوي طال سوق قورو أسفر عن ضحايا وإصابات ودمار في السوق
كما حملت صحف ومواقع إخبارية وناشطين إضافةً لـ "محامو الطوارئ" الجيش السوداني مسؤولية القصف على سوق قورو. وتنوعت الادعاءات بأن القصف تم بوساطة طائرات حربية أو مسيرة وأفاد شهود عيان في فيديو لم يتسنى لنا التأكد منه أن " طائرة من دون صوت سوخوي أو مسيرة، أو طائرة من نوع ميج قصفت السوق"
وزارة الدفاع السودانية نفت في بيانٍ لها مسؤوليتها عن الحادثة و"اتهمت قوات الدعم السريع بالقصف الذي حددته بسوق قورو باستخدام الطيران المسير والمدفعية وإلصاق التهمة بالقوات المسلحة".
من خلال المعلومات المفصلة في فقرة السلاح المستخدم وادعاءات وإفادات الشهود والمواقع الإخبارية يُعتقد أن الهجوم قد تم بوساطة طائرات مسيرة أو حربية يدعى أن مصدرها القوات الحكومية السودانية.
الإدانات
أدانت منظمة أطباء بلا حدود في تقرير لها العنف المستخدم ضد المدنيين واستخدام الأسلحة في الأماكن السكنية، وطالبت جميع الجهات الفاعلة بالتوقف عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار واسعة النطاق حيث يحتمل أن يكون هناك تركيز كبير من المدنيين.
كما أدانت نائبة رئيس بعثة اليونيتامس، كلمينتي نيكويتا سلامي، الهجمات العشوائية على المناطق السكنية في الخرطوم ووصفتها بغير المقبولة على الإطلاق وإنها تنتهك القانون الإنساني الدولي.
كما أدانت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، محامو الطوارئ، اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، تحالف نساء الريف السوداني القصف الذي طال سوق قورو، وصفت الجبهة الديمقراطية للمحامين ما حدث في سوق قورو بـ "جريمة حرب".
الخاتمة
من خلال المعلومات المفصلة أعلاه يمكن التأكيد على أن قصفاً يرجح أنه بطائرة مسيرة طال سوق قورو في منطقة مايو جنوب الخرطوم بين الساعة 7:00 و 7:15 بالتوقيت المحلي من صباح يوم الأحد 10 سبتمبر 2023.
تسبب القصف بمقتل وإصابة مدنيين في السوق بينهم نساء وأطفال استطاع الأرشيف السوداني التحقق من هوية أربعة ضحايا بينهم أم وطفلتها في الهجوم إضافة لدمار في المكان.
بالنظر إلى محدودية المعلومات المتاحة لم يستطيع الأرشيف السوداني تحديد نوع السلاح المستخدم أو الجهة المسؤولة بشكل قاطع لكن الادعاءات وإفادات الشهود تدعي أن الهجوم على السوق تم بوساطة طائرات مسيرة أو حربية يُعتقد أنها تتبع للقوات الحكومية السودانية.